المغرب – السنغال: شبان "أسود التيرانغا" يتحدون خبرة "أسود الأطلس"

نشرت:

تكتب كرة القدم غالبًا أعظم قصصها عندما يجرؤ الشباب على تحدي التاريخ. وستكون هذه هي القصة حاضرة، مساء الثلاثاء 26 أغسطس، في كمبالا، عندما يلتقي حامل اللقب السنغال، الذي يشارك بأصغر تشكيلة في بطولة "شان" توتال إنيرجيز، 2024، مع المغرب، المُتوج مرتين بلقب البطولة، وأحد أكثر المنتخبات خبرة في المسابقة.

 

سيستضيف ملعب، مانديلا الوطني، الممتلئ بعشرات الآلاف من جماهير شرق إفريقيا، نصف نهائي يجمع فلسفتين مختلفتين: تماسك المغرب ونضجه التكتيكي مقابل حيوية وتجدد السنغال.

 

يمثل هذا اللقاء على مستوى القارة، مواجهة قوية بين الفائزين في النسخ الثلاث الأخيرة: المغرب في 2018 و2020، والسنغال في 2022.

 طرق متباينة إلى كمبالا

 

تميّز مشوار السنغال بالانتقال والتجديد. لا يلعب أي من لاعبي التشكيلة الحالية في أوروبا، وكان، سيرينغ مختار كويتي، اللاعب الوحيد الذي شارك في نسخة 2023.

 

أعاد المنتخب السنغالي تحت قيادة المدرب، سليمان ديالو، اكتشاف هويته عبر الانضباط والإيمان بالمواهب المحلية.

 

كانت ثلاثة أهداف في أربع مباريات كافية، مُستندة إلى دفاع حديدي لم تهتز شباكه إلا مرة واحدة طوال البطولة.

 

يعترف، ديالو، بالتحديات، لكنه يؤكد أن لاعبيه يكتبون فصلاً جديدًا. وقال: "هذا جيل شاب مستعد لكتابة تاريخه الخاص. سنواجه منتخبا مغربيًا يمتلك إحصائيات أداء قوية جدًا، لكن لا يمكننا الاستهانة بما نحققه في السنغال. اليوم نقدم أصغر تشكيلة في هذه البطولة."

المغرب الأكثر خبرة

 

كان مشوار المغرب، في المقابل، أكثر اعتيادية. فخلال تنقله بين الدول الثلاث المستضيفة، تنزانيا وكينيا وأوغندا، اعتمد "أسود الأطلس" على الخبرة، الهدوء والتوازن التكتيكي.

 

سجل المهاجم، أسامة المليوي، في ثلاث مباريات متتالية، بينما يتصدر صانع الألعاب، يوسف مهري، قائمة اللاعبين الأكثر صناعة للأهداف في البطولة.

 

قال المدرب، طارق سكتيوي، حديثه: "لدينا مباراة مهمة أمام منتخب استحق التأهل بجدارة. لن تكون سهلة؛ ستكون مباراة صعبة جدًا. هدفنا دائمًا هو الفوز بهذه الكأس في 2024، حتى مع وجود السنغال في نصف النهائي."

 أرقام تبرز تفوق المغرب

 

تُظهر الأرقام مكانة المغرب. فقد فاز بخمس مباريات متتالية في بطولة "شان"، توتال إنيرجيز أمام منتخبات غرب إفريقيا منذ 2016، مسجلاً 17 هدفًا واستقبل 7 أهداف فقط.

 

سجل المغرب في هذه النسخة 9 أهداف، وقدم أكبر عدد من التسديدات على المرمى بين نصف النهائيين (29)، وقد يصبح أول منتخب يصل إلى ثلاث نهائيات خلال ست سنوات.

 

يؤكد، السكتيوي، أن القوة تكمن في الانسجام الجماعي، حتى مع غياب بعض المدافعين الأساسيين. وقال: "نحن جاهزون لمواجهة أي تحدٍ بعزم وقوة. كل لاعب يلعب دورًا مهمًا ويعمل بجد لتجاوز الصعوبات. التحضير والاهتمام بالتفاصيل سيكونان حاسمين لهذه المباراة."

أما لاعب خط وسط الميدان، خالد بابا، فقال: "عقلية الفريق هي عقلية محترفة ومسؤولة، تعرف أنها يجب أن تفعل كل شيء للفوز. الانتصار لا يحدث بالصدفة؛ بل يُستحق، ونحن مسؤولون عن تمثيل المغرب وكرة القدم المغربية."

 

 صلابة الدفاع السنغالي

 

 أبدعت السنغال في الصلابة. فقد وصلت إلى نصف النهائي من دون استقبال أهداف في آخر ثلاث مباريات إقصائية، بينما انتهت جميع انتصاراتها في اللعب المفتوح 1-0.

 

جسّد حارس المرمى، مارك ديوف، هذا الهدوء والثبات، بعدما تصدى لخمسة كرات حاسمة أمام أوغندا في ربع النهائي.

 

يعتبر الأسلوب عملي وفعّال؛ فالمنتخب السنغالي عادة ما يحتفظ بالطاقة في الشوط الأول قبل أن يهاجم بعد الاستراحة، جميع أهدافه الثلاثة حتى الآن جاءت في الشوط الثاني.

 

وعد المهاجم، عمر با، الذي سجل الهدف الحاسم أمام أوغندا، بالكفاح والوحدة: "نعلم أنها لن تكون سهلة، لكن سنبذل قصارى جهدنا. نحن متحدون، وهذا مهم جدًا. أعدكم أننا سنكافح للوصول إلى النهائي."

 

 صدام الأجيال والفلسفات

 

سيكون الأمر الذي سيجعل هذا نصف النهائي فريدًا ليس فقط قوة المنتخبات، بل أيضًا اختلاف نماذج النجاح. المغرب يمثل الاستمرارية: نظام أنتج أبطالًا، متوافق مع هيكلهم الكروي العام.

 

تمثل السنغال التجدد: احتضان الشباب، والاعتماد على اللاعبين المحليين، والشجاعة لمواجهة العمالقة رغم قلة الخبرة.

 

دعا، ديالو، الجماهير لدعم المشروع: "أود أن أوجه رسالة لكل الشعب السنغالي: نطلب منكم متابعتنا، ودعم منتخبنا، وتحفيزنا لتحقيق أفضل نتيجة ممكنة في هذه البطولة."

 رهانات عالية في كمبالا

 

سيضع الفوز، السنغال، على طريق أن تصبح ثاني منتخب يدافع عن لقب بطولة "شان" توتال إنيرجيز في النهائي، بينما قد ينضم المغرب إلى سجلات الأرقام القياسية بوصوله إلى نهائي ثالث خلال ست سنوات.

 ماذا نتوقع في كمبالا؟

 

سيكون ملعب مانديلا، مسرحًا لمباراة قد تحسم بأدق التفاصيل. متابعة، المليوي، لتحقيق هدفه الرابع على التوالي، وتصدي ديوف للحفاظ على نظافة شباكه، لحظة واحدة من التركيز قد تحدد الفائز.

 

لكن بعيدًا عن التكتيك، تعتبر مواجهة بين هويات: هيكل وخبرة شمال إفريقيا مقابل شباب وغريزة غرب إفريقيا.

 

يمثل صدام المغرب والسنغال في بطولة "شان" توتال إنيرجيز 2024، مع استمرار نمو كرة القدم الإفريقية، مواجهة رمزية لطريقتين مختلفتين لبناء النجاح.

 

مهما كانت النتيجة في، كمبالا، سيكون عشاق كرة القدم على موعد مع كلاسيكية كروية حقيقية.