عثمان معمّة: النجم المغربي الصاعد يشعل نهائيات كأس العالم تحت 20 سنة

شهدت عودة منتخب المغرب تحت 20 سنة، إلى كأس العالم تحت 20 سنة بعد غياب دام عقدين ظهور وجه جديد: عثمان معمّة.
قدّم اللاعب البالغ 19 عامًا في مباراتين من دور مجموعات المنافسة، اللحظات الحاسمة التي ارتقى بها "أسود الأطلس" من كونهم مفاجأة مُحتملة إلى متصدري المجموعة، أولًا بتفكيك دفاع إسبانيا على الجهة اليمنى، ثم بصناعة هدف مذهل أمام البرازيل بضربة مقصية رائعة. إذا كانت هذه البطولة تصنع المستقبل، فإن، معمّة، يبدو أنه قد صُنع بالفعل.
يعتبر مهاجم نادي واتفورد (انتقل إليه من مونبليي الفرنسي في شهر يوليو) رأس حربة المغرب، ومهاجمه القناص في، الشيلي: لاعب مباشر وسريع في الهجوم وحاسم عند وجود الفرص.
حوّل، معمّة، أمام إسبانيا، الدفاع إلى شق هجومي، متجاوزًا الظهير ليمرّر إلى زميله، ياسين جاسم، الذي سجل الهدف الحاسم في الفوز بنتيجة 2-0.
بعد أربعة أيام، ومع ضغط البرازيل، ابتكر، معمّة، هدف ليلة المباراة، حيث فتح جسده لتسديدة هوائية رائعة من عرضية عميقة ليفتتح باب التسجيل لصالح المغرب في الفوز بنتيجة 2-1 الذي ضمن التأهل.
كان تأثير، معمّة، ليس مجرد أرقام، بل أسلوب اللعب. فقد كان منتخب المغرب، مضغوطًا وعمليًا من دون الكرة، ثم مفاجئًا في التحولات الهجومية، وهو ما يناسب جناحًا يحب المساحات والمواجهات الثنائية.
قال، معمّة، في تصريحاته: "أحب أن أستغل أكتاف المدافعين والمساحات. أحب المواجهات الفردية، عندما أستطيع كسب مساحة إضافية."
وهذا بالضبط ما طلبه المدرب، محمد وهبي: خطوط ضيقة لقطع مسارات التمرير، ثم إطلاق اللاعبين على الأطراف بسرعة وبهدف واضح.
لم يغب هدوء اللاعب الشاب عن المباريات. بعد مواجهة، إسبانيا، قال: "كرة القدم هي كرة القدم. لا يهم أين أو من هو المنافس. فقط يجب الحفاظ على هدوئك والتحكم في مشاعرك."
وبالنسبة لمواجهة البرازيل، قال: "أتحدث عن البرازيل تمامًا كما تحدثت عن إسبانيا. ستكون مباراة كبيرة أخرى. سنفعل كل شيء للفوز."
يمزج، معمّة، من الناحية فنيًا، بين قيم الجناح التقليدي والمرونة الحديثة، فيمكنه البدء على الجهة اليمنى والتوغل للتمرير، أو الانحراف إلى الداخل للارتباط مع المهاجم رقم 9، أو الهجوم على القائم البعيد، الحركة التي أنتجت ضربة المقصية أمام منتخب البرازيل.
يبلغ طول المهاجم المغربي، 1.82م، مما يمنحه أفضلية في الكرات الهوائية وحماية جيدة للكرة، ولمسته الأولى عادة للأمام والثانية حاسمة.
تبرز نهائيات كأس العالم تحت 20 سنة، كيف بنى المغرب مسارًا متدرجًا. ظهر، معمّة، لأول مرة مع نادي مونبليي الفرنسي، في شهر، مايو 2024، وشارك في 14 مباراة بالدوري الفرنسي (هدفان وصناعة هدف) قبل انتقاله إلى نادي واتفورد الإنجليزي، الصيف الماضي، حيث اعتُبر لاعبًا للتطوير وليس مكتملًا.
يتم توظيف، معمة، في نهائيات الشيلي، بوضوح ضمن نظام يتطلب تحركات دفاعية ثم يثق به في اتخاذ قرار التحول: الهجوم بالكرة أو التمرير. هدفه أمام إسبانيا وتسديدته أمام البرازيل هما وجهان لعملة واحدة.
ينمو حوله، منتخب متماسك؛ حيث قدم زميله، ياسر الزبيري، قوة في التشكيلة المغربية، وزادت كثافة عمل، ياسين جاسم، من سرعة الآخرين، بينما تصدى خط الدفاع للضغط بانضباط ناضج.
حاول المدرب، وهبي، تهدئة الأجواء بعد الفوز على منتخب إسبانيا، قائلاً: "نحن سعداء، لكن هذه ثلاث نقاط فقط، لم نحقق شيئًا بعد… نريد المزيد. الثقة تنمو، لكن سنحاول البقاء متواضعين"، ومع ذلك يعترف بأن وجود الموهبة الصحيحة في الهيكل الصحيح يسرّع الإيمان بالنفس.
ماذا بعد ذلك؟ على المدى القصير، مواجهة دور الـ16 مع ضغط مختلف: التوقعات. سيخفض المنافسين خطوطهم، وسيصبح الظهير أقل جرأة، والمساحات التي استفاد منها المتألق، معمّة، قد تضيق.
ستكون الخطوة التالية في البطولة حول التنويع، استلام الكرة، التمرير في مساحات ضيقة، اجتذاب الأخطاء، واستثمار الكرات الثابتة. ومن خلال اختبارين، أظهر المغربي، معمّة، القدرة على التكيف واتخاذ القرارات.
وعلى المدى الطويل، من الصعب ألا نتطلع إلى المستقبل. لقد وضع المنتخب المغربي الأول معيارًا جديدًا لكرة القدم شمال إفريقيا، والفئات السنية تحاكي هذا النموذج.
كسب جناح يمكنه إلحاق الخطورة بدفاع المنافسين الكبار في التحولات والمساهمة في اللعب المنظم هو ملف مرغوب لكل مدرب وطني، ومن دلائل البطولة، معمّة، يستحق هذا الاعتراف قريبًا.
حتى الآن، المهمة بسيطة: الاستمرار فيما ينجح. تجاوز منافسك. اختر اللحظة. ثق بالخطة.
أظهر، عثمان معمّة، في كأس العالم الذي غالبًا ما يسيطر عليه المتحكمون في أعصابهم، بالفعل قدرته على حسم المباريات بهدوء. وهو ما يجعل الجميع يتأكد أن منتخب المغرب لديه نجم لهذه البطولة، وربما، ركيزة لسنوات عديدة قادمة.