فاما نيانغ: وكيلة اللاعبين التي تمهّد الطريق للنساء في كرة القدم

نشرت:

حظي موقع Cafonline.com بفرصة لقاء مع وكيلة اللاعبين السنغالية، فاما نيانغ، في إطار "شهر المرأة"، الذي يسلط الضوء على مسيرة النساء الإفريقيات اللاتي يتركن بصمتهن في كرة القدم. وُلدت، فاما نيانغ، في داكار، وستشاركنا رحلتها، تحدياتها، ونجاحاتها بكل صدق. تؤكد بثقة: "هناك مكان للنساء، لأن عددنا ما زال قليلًا جدًا في هذا المجال، لكن الأمور تتطور"، مُعبرةً بذلك عن التزامها بكسر الحواجز وتمهيد الطريق للأجيال القادمة من النساء في الرياضة

 

تُسلط، فاما، من خلال حديثها، الضوء على أهمية الشغف، العزيمة، والمثابرة للنجاح في بيئة يسيطر عليها الرجال. وتعكس رؤيتها لكرة القدم ودورها كوكيلة لاعبين، مساهمتها الجوهرية في تطور هذا المجال في إفريقيا

 Cafonline.com: فاما نيانغ، ما الذي دفعكِ لتصبحي وكيلة لاعبين في كرة القدم؟ 

فاما نيانغ: قبل كل شيء، إنه الشغف. نشأتُ في سوشو، شرق فرنسا، وهي مدينة صناعية كان لكرة القدم فيها مكانة خاصة. في ذلك الوقت، كان سوشو من الأندية الفرنسية التاريخية، وكان يضم مركزًا رائعًا للتكوين، قبل حقبة باريس سان جيرمان. كان ذلك مصدر فخر للمدينة وانفتاحًا على العالم الخارجي، لا سيما بالنسبة لنا، نحن الشباب من أصول إفريقية. كان والداي أول من استقرا في المنطقة مع أطفالهما، وكان بيتنا بمثابة عائلة مُضيفة لجميع الشباب الأفارقة أو ذوي الأصول الإفريقية القادمين إلى سوشو

 

بالنسبة لنا، لم تكن كرة القدم مُجرد رياضة، بل كانت جزءًا من حياتنا اليومية، وعشناها في بيئة عائلية. منذ صغري، كان لي أقارب، مثل أزواج أخواتي وأصدقائي، الذين أصبحوا لاعبين محترفين، وسرعان ما أردتُ الانضمام إلى هذا العالم. حتى أنني عملتُ على فيلم وثائقي خلال كأس العالم 2010، حيث أجريت مقابلات مع أساطير مثل، برنارد لاما، لفهم شغفهم بهذه الرياضة

 

بعد سنوات من العمل في مجال الموسيقى، شعرتُ بالحاجة إلى التغيير، وبالحديث مع أخي، وهو وكيل لاعبين، قررتُ خوض التجربة. في عام 2021، حصلتُ على إجازة وكيلة لاعبين بعد 3 سنوات من الجهد. كان ذلك تحديًا حقيقيًا، لأن الأماكن محدودة، ويجب اجتياز اختبارات خاصة للحصول على الإجازة

 

 بصفتكِ امرأة في مجال يُهيمن عليه الرجال، ما هي التحديات التي واجهتها؟ 

إنه أمر مُتناقض، لأن كثيرين يشككون في معرفة النساء بكرة القدم، مُعتقدين أننا لا نتابع الدوريات أو لا نعرف تفاصيل هذا المجال. ومع ذلك، لم يكن شغفي وخبرتي في الرياضة عائقًا أبدًا. كنتُ محظوظةً بدعم أخي، وهو وكيل لاعبين محترم، مما فتح لي بعض الأبواب، لكن في النهاية، كان عليّ أن أشق طريقي بنفسي

 

ما أحبّه في عملي هو التواجد على أرضية الميدان، مشاهدة مباريات الشباب والنساء، والتواصل مع الكشافين والعائلات. لقد التقيت بمسؤولي اكتشاف المواهب في أندية كبرى، والعديد منهم يفاجؤون بوجود امرأة تعمل كوكيلة لاعبين. في البداية، يعتقد الكثيرون أنني والدة أحد اللاعبين، لكن عندما أشرح لهم طبيعة عملي، يكون الأمر بمثابة نقطة حوار مثيرة

 ما هي المعايير التي تأخذينها بعين الاعتبار عند اختيار لاعب أو لاعبة لتمثيلهم؟ 

عند اختيار لاعب، هناك عدة عوامل مهمة. أولها الشعور الغريزي. المهارات الفنية للاعب أمر أساسي. أراقب تصرفات اللاعب منذ الإحماء، لمعرفة مدى تركيزه أو استرخائه، مما يعطيني فكرة عن حالته الذهنية

 

تختلف المعايير حسب المركز. فمثلًا، قلب الدفاع يحتاج إلى بنية جسدية قوية للعب على أعلى المستويات. كما أن نمط الحياة، والخلفية الأسرية، والتحديات الشخصية، تؤثر في اختيار اللاعب، خاصةً إذا كان لديه مسار صعب، حيث يكون الدعم أكثر أهمية

 

 ما هو أكثر ما يثير شغفكِ في إدارة المسيرة المهنية للاعبين؟ 

ما يشدني حقًا هو مرافقة اللاعبين ورؤية تطورهم، بدءًا من نادٍ هاوٍ وصولًا إلى الاحتراف. الجانب الإنساني مهم للغاية. هناك لحظات صعبة، مثل عندما يعاني اللاعب من قلة المشاركة في المباريات أو يمر بفترة تراجع في الأداء، وهنا يكون دورنا إيجاد الحلول، سواء من خلال برامج تدريب بدني أو دعم نفسي أو مساعدته على إيجاد نادٍ جديد

 

لكن ما يحفزني حقًا هو رؤية اللاعبين ينتقلون من صفة الهاوي إلى الاحتراف، ومساعدتهم على تحقيق أحلامهم

 

 كيف تبنين علاقة ثقة مع اللاعبين؟ 

تُبنى الثقة بمرور الوقت. لا يكفي توقيع عقد، بل هو عمل مستمر. الشفافية والصدق أمران أساسيان. عندما يقدم اللاعب أداءً جيدًا، يجب تهنئته، وعندما يكون أداؤه ضعيفًا، يجب إخباره بالحقيقة. الصدق والانضباط والالتزام بثبات هي أساس العلاقة الناجحة

 

يجب أيضًا إدراك أن نجاح اللاعب هو نجاح الوكيل. إذا تألق اللاعب، فسيتم الاعتراف بالوكيل، لكن إن لم يتطور مستواه، فقد يؤثر ذلك سلبًا على مسيرة الوكيل أيضا. لهذا السبب أحرص على الصراحة والعمل الجاد مع كل لاعب أمثله

 ما هو دوركِ في المفاوضات حول العقود والاتفاقيات التجارية؟ 

نلعب دورًا محوريًا في المفاوضات. هناك نقاشات بين الأندية، ولكن في كثير من الأحيان، يكون الوكيل هو العنصر الحاسم في إتمام الصفقة. يتطلب ذلك فهمًا عميقًا للجوانب المالية، والعلاقات بين الأندية، والقدرة على الدفاع عن مصالح اللاعب. ليس الأمر مجرد مسألة أموال، بل يتعلق أيضًا بالمشروع الرياضي والقيم المشتركة

 

 كيف تتعاملين مع التوقعات العالية من اللاعبين وعائلاتهم؟ 

يعتمد حقًا على الوضع. هناك لاعبون توقعاتهم عالية جدًا، وأحيانًا قد تنفد صبر عائلاتهم أو لديهم بالفعل أفكار راسخة حول مسار حياتهم المهنية، وهو أمر مفهوم لأنهم مشاريع وظيفية. لكن حقيقة اليوم ليست بالضرورة حقيقة الغد. على سبيل المثال، عندما يوقع اللاعب عقدًا احترافيا، فمن المحتمل أنه ليس جزءًا من الفريق الأول بعد ويجد نفسه يلعب في الاحتياط. في هذه الحالة، يجب أن يثبت أنه يستحق العودة إلى الفريق الأول، لكن بعض الآباء لا يشككون في هذه العملية.

 

يمكن أن يحدث أن يكون اللاعب جيدا جدا لفترة من الوقت ثم يمر بفترة صعبة، وهو أمر طبيعي في موسم واحد. في هذه المرحلة، من الأهمية بمكان إيجاد النهج الصحيح لمساعدتهم على العودة إلى أفضل مستوياتهم. ومع ذلك، بالنسبة للعائلات، غالبًا ما يتم إسناد المسؤولية إلى النادي أو الوكيل. على سبيل المثال، الوكيل غير مسؤول إذا لم يلعب اللاعب. إذا كان اللاعب جيدًا، فعليه أن يلعب، ومن دور المدرب أن يجعله يلعب. يقوم المدرب الجيد دائما باختيار أفضل العناصر، لأنه يتعرض لضغوط للحصول على نتائج. إذا اختار المدرب اللاعبين فقط على أساس التقارب الشخصي أو العلاقات مع وكلاء أو عائلات معينة، فلا ينبغي أن يفاجأ المرء إذا فشل الفريق.

 

من المهم أن يكون الآباء على استعداد لقبول أن أطفالهم يمرون بأوقات عصيبة وأن سلوكا معينا في مركز التدريب يمكن أن يلعب دورا في بعض الأحيان. من الضروري أيضا أن يكون الآباء مستعدين للتحدث بصراحة مع أطفالهم وتذكيرهم بضرورة تحسين أشياء معينة، مثل أسلوب حياتهم، لمساعدتهم على العودة إلى المسار الصحيح. في بعض الأحيان، أقترح مدربين نفسانيين لمرافقة اللاعبين. لكن بعض الآباء، وخاصة أولئك المنحدرين من أصل أفريقي، ينظرون إلى هذا النوع من الدعم على أنه علامة ضعف، معتقدين أن أطفالهم لا يحتاجون إلى رؤية محترف. ومع ذلك، يمكن أن يسمح للاعب بالتعبير عن أشياء لم يستطع إخبار مدربه أو والديه بها. هذا جانب يصعب فهمه أحيانا، لكنه مهم لرفاهية اللاعب.

 

 ما هو أكبر إنجاز حققته في مسيرتكِ؟ 

رؤية اللاعبين يحققون النجاح ويؤمنون مستقبلهم، ويجلبون الفرح لأسرهم، هو أكبر مكافأة لي. على الصعيد الشخصي، الحصول على إجازة الوكالة بعد ثلاث سنوات من العمل الشاق كان إنجازًا مهمًا جدًا. واليوم، أعمل باحترافية وأتمتع بمصداقية كبيرة في المجال

 ما هي النصيحة التي تقدمينها للنساء الراغبات في دخول عالم وكلاء اللاعبين؟ 

أقول لهن: مرحبًا بكن! لا تزال النساء قليلات في هذا المجال، لكنه يتطور. هذا العمل كان ولا يزال يهيمن عليه الرجال، لكنه يشهد تقدمًا ملحوظًا

 

أوصي كل امرأة تطمح للعمل في هذا المجال بعدم الاستسلام، فالمكان موجود لهن، والشغف والعزيمة هما المفتاح. عندما أرى المزيد من النساء على أرضية الميدان في الملاعب، سأعلم أننا حققنا خطوة كبيرة إلى الأمام، وسيكون ذلك علامة رائعة على التطور.